لقطات الكلوز أب – Close Up تعتبر من اللقطات المهمة أثناء تصوير مشهد ما، حيث تظهر هذه اللقطات وجه الممثل بشكل أقرب، مما يتيح لنا رؤية تعابير وجهه وإنفعالاته بشكل أوضح، لذا تكون هذه اللقطات مهمة روائياً في العمل الفني، في هذه السلسلة القصيرة من المقالات والتي نبدئها اليوم بعنوان (لقطات Close Up كأداة روائية : أسس وقواعد أساسية) نتناول فيها كل ما يتعلق بلقطات الكلوز أب – Close Up، للوصول إلى لقطات صحيحة متناغمة مع الحدث الذي نقوم بتصويره.
نقطة بداية
يقول السينمائي جون ألتون ونقتبس :
” الكبار في السن يحبون أن يبدوا شباباً، والشباب يحبون أن يبدوا أصغر سناً، جميعنا سمعنا بإشخاص يكررون عبارة أنا لا أحب أن أتصور لإنني لا أحب مظهري في الصور، أو شكلي غير مناسب للتصوير، هذا الكلام سخيف نوعاً ما، فهو مغالطة كبيرة، بالنظر إلى صور نجوم الأفلام في هوليوود، نجد بعضهم ليس من الجميلين فعلاً، لكنهم يبدون كذلك في الأفلام والصور، هل كان ذلك ممكناً بدون تصريحة الشعر المناسبة والمكياج المناسب، والجهد المبذول في تشكيل الإضاءة على وجوههم، بالطبع لم نخلق جميعاً بذات القدر من الجمال، لكن يمكن للمصور أن يوفر لنا من الجماليات ما لا نملكه، من الجمال والسحر والوضعية الصحيحة.”
John Alton
American cinematographer – painting with light
قواعد في لقطات الكلوز أب – Close Up
لربما سيكون هذا العنوان عنواناً مخادعاً نوعا ما، إذ انه لا يوجد بشكل فعلي قواعد صارمة حول آلية إضاءة وتشكيل لقطات الكلوز أب، لكن هنالك أربع نقاط أساسية يجب التركيز عليها لضمان تشكيل لقطة كلوز أب جميلة ومناسبة لعملنا، هذه النقاط الأربع هي :
1- الزاوية.
2- الحجم.
3- العناصر في الخلفية Background والمقدمة Foreground.
4- نقطة التركيز.
1- زاوية لقطات الكلوز أب
عند إختيارنا لزاوية لقطة الكلوز أب هنالك نقاط مهمة يجب الإنتباه لها، لقطة الكلوز أب هي لقطة تهدف لإظهار الوجه بشكل مباشر، بعض الناس لديهم وجوه جميلة إذا تم تصويرها بشكل مباشر من الأمام كون أنهم يتمتعون بتناظر في تفاصيل الوجه، في حين يتمتع البعض بوجوه جميلة إذا ما تم تصويرها من أحد الأطراف فقط، وذلك لإن لكل شخص علامات فارقة في وجهه.
من المهم هنا أن نظهر الممثل بإفضل شكل ممكن، كما تكلمنا سابقاً لا يتمتع الكل بوجوه متناظرة، كما لا يتمتع الكل بذات الجمالية من ذات الزاوية، “قارن في الصورة أعلاه”، من المهم البحث عن أفضل زاوية مناسبة لتصوير تلك اللقطة وإستخدامها إستخدام صحيح.
2- حجم لقطات الكلوز أب
كما تكلمنا منذ قليل، فإن الهدف الأساسي من لقطات الكلوز أب هو إظهار الوجه وتعابيره بشكل واضح، لذا فإذا أردنا الحديث عن الحجم في اللقطة، فيجب أن يكون الوجه هو العنصر الأهم في اللقطة، عدى ذلك فهي عناصر ثانوية غير مهمة، تحديد حدود اللقطة بحجم الوجه، يسهم في خلق لقطات كلوز أب بالشكل الصحيح.
3- الخلفية – Background والمقدمة -Foreground في لقطات الكلوز أب
تكلمنا في مقالة مخصصة عرفنا خلالها عن معاني مصطلحات الفورغراوند، والباكغراوند، لكن بشكل سريع نعيد تعريف المصطلحات : تعني كلمة Foreground المقدمة وهي تدل على المواد والعناصر التي تكون بين الممثل والكاميرا، في حين أن مصطلح Background يعني الخلفية.
عند الحديث عن العناصر في المقدمة – Foreground، فهنا يجب التنويه إلى أنه من الممكن أن تكون تلك العناصر مشتتة عن العنصر الأساسي ونقطة التركيز، لذا يجب التعامل مع العناصر في المقدمة بحذر، هنالك قاعدة عامة تنص على عدم إستخدام أي عنصر إضاءة، أو مواد ساطعة، أو أي عنصر لديه قيم تعريض عالية في المقدمة، كون أن ذلك العنصر يصدر ضوء أو يعكس الضوء، فهو عنصر ملفت للإنتباه، لذا فهو سيشتت الإنتباه عن العنصر الأساسي في اللقطة، عوضاً عن ذلك يمكن إستخدام هذه العناصر المشعة والتي تحمل قيم تعريض عالية في الخلفية.
عند إتخاذ لقطة الكلوز أب الخاص بمشروعك، إنتبه إلى الخلفية بشكل مميز، إنتبه إلى وجود أي إضاءة غير قادر على التحكم بها، كمثال شباك واسع وكبير، لإن ذلك سيؤثر بشكل جذري على إعدادات الكاميرا، بالإضافة لذلك يجب الإستفادة من زوايا الغرفة، والعناصر التي تظهر فيها، تكلمنا سابقاً في مقالات مفصلة عن آلية تشكيل الكوادر بشكل صحيح، بإمكانكم الإطلاع عليها من هنا.
4- نقطة التركيز
نقطة التركيز هي مفهوم بسيط يرتكز على إجتذاب أنظار المشاهد نحو نقطة ما في اللقطة، في حديثنا اليوم عن لقطات الكلوز أب، من المهم جذب نظر المشاهد نحو العنصر الاساسي الذي نقوم بتصويره.
يكمن ذلك من خلال تحقيق عدة عناصر أهمها الحرص على وجود كمية تباين كافية في الإضاءة بين العنصر الأساسي والخلفية أو ما يحيط به، لاحظ الصورة أعلاه، هنالك فرق في كمية الإضاءة بين الخلفية والممثلة التي تظهر لدينا، حتى أن كمية الإضاءة على طرفي الوجه مختلفة، ما يجعل أعيننا تتجه مباشرة إلى وسط عين الممثلة اليمين مباشرة.
من الممكن أن نحرص على تركيز إنتباه المشاهد بإتجاه نقطة ما أيضاً من خلال التباين اللوني أيضاً كما يظهر في المثال أعلاه، حيث نرى بوضوع إستخدام لونين متضادين وهما الأصفر والأزرق، هنالك العديد من الطرق التي تسهم في جذب إنتباه المشاهد نحو نقطة ما في المشهد، وقد تكلمنا عنها مطولاً في مقالاتنا السابقة والتي ننصح بشدة بالعودة إليها لما فيها من تفاصيل قد يصعب أن نذكرها كاملة في هذه المقالة.
بإمكانكم الوصول للمقالات من : 1 – 2 – 3 – 4 – 5
العدسات وقياساتها
يمكن أن تؤثر العدسات بشكل كبير على طبيعة لقطات الكلوز أب، والحالة التي نوصلها للمشاهد، حيث تختلف لقطات الكلوز أب المصورة بواسطة عدسات ذو قياسات واسعة (وايد-wide)، عن لقطات الكلوز أب المصورة بواسطة العدسات الضيقة (التيلي فوتو – Telephoto)، وكلا النوعين السابقين يختلف تماماً عما ستقدمه لنا عدسات بالقياسات متوسطة القياس، كل العدسات من الممكن إستخدامها لتصوير لقطة الكلوز أب، لكن أيهما هو الأنسب ؟ وأيهما سيلتقط اللقطة بشكل يناسب القصة والحدث الذي نقوم بتصويره؟
في حالة العدسات الواسعة (وايد-wide) ونقصد بهذا المصطلح كل العدسات التي تكون قيمة البعد البؤري فيها أقل من 35mm، يصبح وجه الممثل أضيق وأنحف، بالإضافة إلى وجود مساحة كافية للممثل في الكادر، ما يعطي إنطباعاً بالفراغ أو الراحة، ويمكن أن يظهر لنا محيط الممثل بشكل أكبر.
تذكير : لقطة الكلوز أب تحدد بطبيعة حجم اللقطة وفقاً للممثل فيها، وليس لنوع العدسة المستخدمة، للتعرف أكثر عن لقطات الكلوز أب بإمكانكم مراجعة مقالتنا التعريفية من هنا.
في حالة العدسات الضيقة (التيلي فوتو – Telephoto)، ونقصد بهذا المصطلح كل العدسات التي تكون قيمة البعد البؤري فيها أكثر من 85mm، سيبدو الوجه أكثر إتساعاً، في حين أن ما يظهر من الخلفية سيصبح أقل، وسيصبح مجمل ما في اللقطة أضيق، ما يعطي إنطباعاً بالحصر.
في حين أن العدسات المتوسطة (Medium) تسمح لنا بالحصول على شكل الوجه الأقرب للطبيعة، بالإضافة إلى مجمل ما في اللقطة سيصبح أوسع قليلاً من سابقتها الضيقة، تنحصر العدسات متوسطة الحجم بين قياسي 35mm و 85mm، يكون فيها البعد البؤري أقرب ما يكون إلى العين البشرية، ويظهر فيها وجه الممثل بشكل أكر طبيعية.
بإستخدامنا للنقاط الأساسية في هذه المقالة نستطيع الوصول إلى لقطات كلوز أب صحيحة ومناسبة ومتوافقة مع المشروع الذي نعمل عليه، أكان ذلك من تحديد لزاوية اللقطة، أو حجمها، أو وجود العناصر في الخلفية والمقدمة فيها، وتحديد نقطة التركيز وطبيعة العدسات التي سنستخدمها للوصول إلى الهدف المراد الوصول إليه.
أرجوا أن تكون هذه المقالة وافية بما فيه الكفاية، أود تذكيركم أنه في حال وجدتم أي إستفسار، بإمكانكم إرسال إستفساراتكم من خلال الضغط على تواصل معنا، كما بإمكانكم متابعتنا عبر حسابنا في إنستاغرام للمزيد من المحتوى الحصري.
دمتم مبدعين.
هل أعجبتك المقالة ؟ شاركها مع أصدقائك ..
مقال رائع ومميز ❤️❤️
مفيدا وشيق جدا هذا المقال …بما فية من معلومات قيمة وجميلة عن استخدام لقطات الكلوز اب بلطريقة المناسبة والصحيحة