مذ أن عرفت البشرية فن التمثيل ووقف الممثلون بين ثلاثة جدران تشكل ما يسمى “خشبة المسرح” كانت الجهة المقابلة للجمهور بمثابة “الجدار الرابع – The Fourth Wall“، ذاك الجدار الوهمي بمثابة حاجز تخيلي غير مرئي، يفصل بين الممثلين والمشاهدين ليشعرهم بأن ما يشاهدونه حقيقي يتفاعلون معه ويتأثرون به، دون أي تدخل منهم بالأحداث.
حتى جاء المسرحي الألماني برتولت بريخت (1898-1956) بنظرية “كسر الجدار الرابع” لاختراق حالة الإيهام التي تستحوذ على عقل المشاهد، ليصبح متفاعلا وشريكا في صنع الأحداث، إنطلاقا من فكرة أن الجمهور ليس ساذجاً، وأنه يدرك أن ما يجري أمامه مجرد تمثيل.
إذن كسر الجدار الرابع أداة إبداعية تستخدم منذ عقود لجذب انتباه الجمهور ودعم القصة، فبينما يكون المشاهد مستغرقاً في القصة ومتفاعلاً مع ما يشاهده بمشاعر مختلفة من ضحك أو بكاء أو حتى صراخ، يجد البطل يتوجه إليه بالحديث مباشرةً وكأنه يقول له: انتبه، إلى ما يحصل هنا.
كل شيء تتعلمه عن صناعة الأفلام يمكن إرجاعه إلى الفن البصري الكلاسيكي أو المسرح، إذا كان لديك أي سؤال في المستقبل حول صناعة الأفلام، فمن المحتمل أن تكون إجابتك مخفية هناك.
كسر الجدار الرابع
يعتبر كسر الجدار الرابع قرارًا رئيسيًا في الفيلم، وعلى هذا النحو عليك أن تتعامل معه بحذر ودراسة متأنية، وذاك لسبب وجيه لأنه إذا ما قمت بذلك بشكل خاطئ، فسوف تدمر تعلق المشاهد في المشهد وتسحب إهتمامه من القصة، ليس فقط في ذاك المشهد لوحده، ولكن في الفيلم باكمله.
إذا قمت بكسر الجدار الرابع بالشكل الصحيح، يمكنك التواصل مع جمهورك ورفع مستوى تعلقهم بالمحتوى الخاصة بك، أو أن تزيد وتعزز الكوميديا في المشهد، فتعزز نصاً حوارياً مضحكاً بكسرك للجدار الرابع، أو تأخذ المشاهدين إلى رحلة عميقة في داخل الحالة النفسية للشخصية.
لذا فسيؤدي كسر الجدار الرابع إلى إيصالب معلومات أكثر حيوية وإثارة المشاعر العميقة داخل عقل المشاهد.
يتم كسر الجدار الرابع عن طريق تسلسل معين للإحداث في نص المشهد أو عن طريق نصوص تسمى PUNCH LINE، حيث تكون هذه النصوص نصوصاً تمهيدية للممثل ليقوم بعدها بكسر للجدار الرابع.
PUNCH LINE البانش لاين : هي نصوص كوميدية وفكاهية تتألف من عدة طبقات تنتهي بالطبقة الأخيرة من النكتة / الفكاهة، لتبرر فعل أو حدث ما يحصل بعدها في السيناربو.
تذكر أن كسرك للجدار الرابع لايعني بالضرورة إرتقاء العمل نحو أعلى رتب الكوميديا والقوة الإخراجية، ذلك أن كسر الجدار الرابع يتطلب نصاً قوياً ومحكماً، وفي تلك الحالة فإنك تقوم بشد إنتباه المشاهد أكثر نحو العمل لا أكثر وتقوم بالحديث معه بشكل شخصي.
إلى هنا أتمنى أن تكون هذه المقالة قد قدمت لكم معلومات جديدة ومهمة، إلى حين لقائنا في مقالة جديدة، أود تذكيركم أنه وفي حال وجدتم أي إستفسار، بإمكانكم إرسال إستفساراتكم عبر حساباتنا في مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، تويتر، إنستاغرام، كما بإمكانكم الإشتراك بقناة التلغرام ليصلكم محتوى حصري ومتابعة جديدنا أولاً بأول.
هل أعجبتك المقالة ؟ شاركها مع أصدقائك..