تعد قوائم الألوان – Color Palette أسلوب مهم لتحسين الجانب العاطفي للفيلم على الصعيد المرئي، وتوجيه المشاهد للاستجابة له بالشكل المناسب، في هذه المقالة وبشكل سريع أود الإجابة على سؤال وردني عبر حسابات المدونة في مواقع التواصل الإجتماعي عن سبب إهتمامنا كصناع أفلام بقوائم الألوان وكيف بإمكاننا إستخدامها في أعمالنا بالشكل الصحيح؟
تتمثل مهمة المصور السينمائي – cinematographer في تفسير السيناريو على شكل مادة مرئية مرئي وتوجيه عواطف المشاهد من خلال اللون والضوء واللقطات والزوايا وحركة الكاميرا، فعندما يناقش المصورون السينمائيون والمخرجون السيناريو ويحاولون تفسير النص، فلا بد من مناقشة قائمة الألوان وشكل الفيلم في وقت مبكر قبل التصوير.
يقول المصور السينمائي يانوش كامينسكي الذي عمل مع المخرج ستيفن سبيلبرغ في مايقارب عشرة أفلام :
“إن القصة هي دائمًا أهم جانب في عملي، وهي تقودني دائمًا للعثور على النمط المرئي الذي يعمل لفيلم معين، في بعض الأحيان ينغمس المصورون السينمائيون في القيام بالإضاءة لتبدو جميلة ولكنها لا تعكس القصة، بالنسبة لي، فإن العثور على نهج مرئي وثيق الصلة بالقصة هو جزء من عملي هو الأكثر متعة.”
(ascmag ، يوليو 2004).
لذا فإن هذا النهج الذي يحاول السينمائيون الوصول إليه لا يتضمن فقط زاوية الكاميرات ونوع العدسات وكمية الإضاءة وكيفية إضائتها فقط، بل ويتضمن الألوان التي ستظهر في المشاهد، ألوان الألبسة التي يرتديها الممثلين وألوان العناصر المتحركة وغير المتحركة في المشهد بناء على القصة ذاتها وعلى العناصر التي يودون توجيه النظر إليها، ويستطيعون إيجادها في قوائم الألوان – Color Palette.
يقوم المصورون السينمائيون بمشاهدة العديد من الأفلام والمشاهد التي تحاكي وتقارب المشاهد التي يقومون بالعمل عليها، وذلك يتيح لهم توفير المظهر المرئي المناسب للقصة التي يروونها عبر مشاهدهم، وإقتباس قوائم الألوان من أعمال أخرى.
وكما تكلمنا سابقاً في مقالة متخصصة عن معاني الألوان في السينما، (والتي أنصح بشدة بقرائتها إن لم تقم بذلك مسبقاً)، فإنه إذا كنت تبحث عن طريقة دقيقة لجعل مشهدك يترك إنطباعاً وتأثيراً عميقاً لدى المشاهد، فالطريقة الأفضل هي إختيار لون مرتبط بالعاطفة التي تحاول استحضارها ضمن قصتك/عملك.
وهنا يأتي دور قوائم الألوان – Color Palette، فعند مشاهدتك لفيلم ما ومعرفتك للقصة ثم محاولة معرفة ماهي الألوان التي إستخدمت وكيف إستخدمت وماهي القيمة الإضافية التي أعطتها للفيلم وللقصة بشكل خاص عند إستخدامها، تكون قد إستخدمت قوائم الألوان بالشكل الصحيح.
في فيلم 1917 من إخراج سام مينديز، اعتمد السينمائي الشهير روجر ديكنز، على الألوان الحيادية الباردة في أغلب مشاهد الفيلم (ذات اللون، لكن بتدرجات مختلفة)، مما عزز مفهوم الحرب والموت.
في فيلم Far From Heaven أضاف المصور السينمائي إدوارد لاكمان طبقات أكثر تعقيد إلى القصة من خلال إنشاء ترميز لوني للشخصيات، فعلى سبيل المثال، عندما تكون شخصية جوليان مور مع صديقاتها، هناك طابع دافئ جدًا، فكل النساء يرتدين ملابس برتقالية وصفراء، والجو العام مريح وجذاب وآمن، ولكن كلما إنتقلنا إلى مشاهد زوجها، تتحول قوائم الألوان إلى والبنفسجي والأخضر، والتي تدل على الحالة الباردة لزواجهما المضطرب، بالإضافة إلى المشاهد التي تظهر لنا وهي تقضي وقتها مع البستاني والألوان الدافئة في تلك المشاهد، كل تلك الألوان تدعم أسلوب سرد القصة بالشكل الصحيح.
كيف نختار النمط اللوني المناسب للفيلم ؟
يجب أن تساعد الصورة دائمًا في تعزيز القصة، وبطريقة خفية غير مباشرة.
لذلك، لا يتم استخدام ألوان قليلة التشبع في محتوى رومانسي أو كوميدي، كما لايتم إستخدام اللون الأزرق في هذا النوع من الأفلام أيضًا، لأنه لون بارد.
في الدراما، يمكن أن تكون الظلال موجودة، أما الكوميديا فلا يمكن أن للظلال أن توجد على وجه الممثلين، بل يتم إضاءة الممثلين بإسلوب إضاءة متساوي.
كما الحديث عن الإضاءة في تلك الأنواع من المشاهد، كذلك يجب أيضًا إعتبار الألوان، لون الملابس والمواد التي ستظهر في المشهد، من خلال قوائم الألوان.
يمكن للمخرج والمصور السينمائي استخدام الأفلام والصور الفوتوغرافية واللوحات من أفلام سابقة كمراجع مرئية لقوائم الألوان – Color Palette التي يعدونها للفيلم، أو لأجزاء من الفيلم، وبالعمل جنباً إلى جنب مع مصمم الإنتاج، يمكن إنشاء مود ونمط بصري مثالي إعتماداً لما تم إختياره في قوائم الألوان.
كما تحدثنا في البداية، اللون هو جزء أساسي من الإستجابة العاطفية للجمهور نحو فيلم ما، تسمح لنا التكنولوجيا اليوم بمرونة، إستخدام وتوظيف الألوان بشكل أكثر قوة من ذي قبل من خلال برامج التلوين السينمائية مثل Davinci Resolve، تلك القوة التي لم تكن موجودة سابقاً، تتيح لنا إضافة العديد من الأدوات التي تساعدنا في سرد قصتنا من خلال المادة البصرية للفيلم، إعتماداً وإقتباساً من قوائم الألوان من أفلام ومواد بصرية أخرى.
لا يقتصر إستخدام قوائم الألوان فقط في السينما والتصوير السينمائي، بل وحتى في حال قيامنا بالتصاميم الغرافيكية، وبناء الهويات البصرية، فإن قوائم الألوان لتلك الهويات والتصاميم مهمة للغاية لتدعم المادة المُقدمة من خلال التصميم.
إلى هنا أكون قد تكلمت عن أهمية قوائم الألوان في السينما والتصوير السينمائي، ولماذا نقوم بالإعتناء بتلك القوائم ونشرها كمناشير في محتوانا على مواقع التواصل الإجتماعي، وكيف بإمكانكم إستخدامها في أعمالكم القادمة.
أود تذكيركم أنه وفي حال وجدتم أي إستفسار، بإمكانكم إرسال إستفساراتكم عبر حساباتنا في مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، تويتر، إنستاغرام، كما بإمكانكم الإشتراك بقناة التلغرام ليصلكم محتوى حصري ومتابعة جديدنا أولاً بأول.
دمتم مبدعين.