في التكوين السينمائي، تعد إضاءة الباك لايت – Backlight أحد أهم عناصر الإضاءة المستخدمة لخلق عمق بصري وفصل للشخصية عن الخلفية. غير أنّ التوجيه غير الدقيق لهذا الضوء قد يغيّر قراءة الوجه بالكامل.
قبل أن نبدأ، نود التوضيح أن ما يلي في هذه المقالة ليست قاعدة صلبة، بل هي قاعدة عامة تعتمد على طبيعة المادة الفنية والنمط البصري الخاص بها والمحدد من قبل مدير التصوير، لذا…
ما علاقة أنف الممثل بإضاءة الباك لايت – Backlight؟
واحد من أهم المهام الجوهرية لمدراء التصوير خلق العمق – Depth في اللقطة، عبر توظيف مجموعة من الوسائل البصرية المتنوعة، سواء من خلال التباين اللوني، أو تفاوت نسب الإضاءة، أو عبر إضفاء بُعد ثالث إلى العنصر المصور باستخدام إضاءة مخصصة الباك لايت – Back Light والتي تعمل على فصل العنصر عن الخلفية وإبراز حجمه وأبعاده المكانية، لينتقل بذلك من الحالة المسطحة ثنائية البعد إلى الحالة المجسمة ثلاثية البعد.
فإضاءة الباك لايت – Back Light تعمل على نحت محيط العنصر وإبراز كتلته الهندسية وأبعاده المكانية، مما يمنحه بعداً ثالثًا ملموساً ويُسهم في انتقال المشهد من حالة الصورة المسطحة إلى الصورة المجسمة.
تُعد إضافة العمق إلى عنصر داخل الإطار وظيفة أساسية تعمل على تخصيص قيمة بصرية وسردية لذلك العنصر، فعندما نضيف إضاءة الباك لايت – Back Light، ترسم تلك الإضاءة حواف العنصر بالضوء، وتفصله عن الخلفية، ما تسمح للمشاهد بتمييز العنصر بسهولة عن ما حوله حيث تسهم هذه الإضاءة بما يلي:
- تحديد المحيط الخارجي ورسم الكونتور للعنصر – Contours بواسطة الضوء، مما يعزز من وضوح شكله المجسم.
- فصل العنصر المستهدف بوضوح عن مستوى الخلفية، مما يُسهم في تحقيق مزيد من عمق الميدان – Depth of Field.
تؤدي إضافة هذا العمق للعنصر المراد تصويره إلى توجيه انتباه المشاهد بفعالية نحوه، مما يضمن سهولة استيعاب وتفسير العنصر في سياقه السردي، ويُعلي من أهميته في التسلسل الهرمي البصري للمشهد.
لذلك، ينبغي علينا الانتباه بعناية عند استخدام إضاءة الباك لايت – Back Light، فبينما يساهم هذا الضوء في، تحقيق فصل جميل بين الشخصية والخلفية ويمنحها حضوراً بصرياً مميزاً، إلا أنه قد يتحول إلى مصدر إزعاج بصري إذا وصل إلى منطقة محددة وحساسة في الوجه!
هل خمنتم أي منطقة نقصد؟
عندما يصل ضوء الـ Back Light إلى الأنف، يبدأ أنف الممثل باتخاذ حجم ثلاثي الأبعاد، ويبدأ بـالنفور والظهور بشكل صارخ في اللقطة، وقد يسهم ذلك في تشتيت المشاهد وإرباك العين عن التركيز مع عيون الممثل وأداءه بشكل عام، فهنالك بقعة بارزة ونافرة ذات حجم في اللقطة، ألا وهي أنف الممثل!
احرص على ألا يُصيب ضوء الباك لايت – Back Light أنف الشخصية، فذلك يجذب انتباه المشاهد إلى أنف الشخصية وقد يصبح عنصراً مشتتاً داخل الكادر. لذا يجب أن نكون دائماً على وعي بكيفية تحرك أو التفاف الممثل أثناء اللقطة، لأننا قد نضبط الإضاءة بشكل مثالي بينما هو جالس في مكانه، لكن ما إن يبدأ المشاهد، حتى يدير رأسه فجأة نحو شيء ما، فيلتقط أنفه الضوء ويعكسه مباشرة نحو الكاميرا.
David Landau Lighting for Cinematography Chapter 3 – Page 49
على الرغم من أن هذه القاعدة تُعد قاعدة عامة، إلا أن هناك حالات خاصة لا تكون فيها مُلزمة بالضرورة، فقد يتم كسرها أحياناً لإبراز توتر الشخصية أو إظهار التعب والجهد على الممثل، أو عندما تستند الهوية البصرية للمادة المصورة إلى طابع عفوي، فتصبح القاعدة حينها مرنة وقابلة للتجاوز، وسنتناول هذه الاستثناءات في الجزء الثاني من هذه السلسلة.
في الختام، أود تذكيركم أنه بإمكانكم إرسال إستفساراتكم من خلال الضغط على تواصل معنا، كما بإمكانكم متابعتنا عبر حسابنا في إنستاغرام للمزيد من المحتوى الحصري.
دمتم مبدعين.
هل أعجبتك المقالة ؟ شاركها مع أصدقائك ..
