طرق وأنواع في الإضاءة : أن نضيء المساحات لا الوجوه

نشرنا سابقاً إقتباس عن السينمائي براد فورد ياونغ يتعلق بالإضاءة وقواعدها، ونص الإقتباس على أننا كسينمائيين نقوم بإضاءة المساحات لا الوجوه، البعض أساء فهم المقولة والبعض الآخر إلتبس عليه المعنى والمراد من الإقتباس، لذا وفي هذه المقالة، سنشرح معاً المعنى الحقيقي لهذه المقولة وكيف يطبقها مدراء التصوير في كل أعمالهم وكيف تبنى عليها بدايةً توزيع الإضاءة بالشكل الصحيح

طرق وأنواع في الإضاءة : أن نضيء المساحات لا الوجوه

أن نضيء المساحات لا الوجوه

عندما يتعلق الموضوع بالآلية التي نريد إضاءة مشهد ما فيها، فإننا دائماً ما نسعى للوصول للآلية الأبسط والأسهل والأقل تعقيداً والأقل مجازفة من ناحية الوقت والتكلفة، كذلك دائماً ما نسعى لتحقيق الإستمرارية في الإضاءة على إختلاف اللقطات وأحجامها وجهاتها، حيث أننا دائماً ما نتعامل مع عدة لقطات مختلفة الحجم لتغطية الحدث في المشهد الذي نقوم بتصويره، وعليه يتوجب علينا الإنتباه لتحقيق الإستمرارية والمنطقية في الإضاءة على كامل اللقطات.

عندما نضيء مشهداً ما وفق تموضع ومكان وجه الممثل، فإننا سنواجه مشاكل متكررة وسيزيد التعقيد مع الإنتقال إلى بقية اللقطات، فإذا إفترضنا أننا قمنا بإضاءة لقطة ميديوم يظهر فيها الممثل وقمنا بالوصول إلى الإضاءة المرجوة

OZARK – SEASON 4 – EPISODE 8 (2022)

ثم أردنا الإنتقال إلى اللقطة العامة مثلاً، حينها سندرك أننا في مأزق، فكيف لنا أن نبرر الإضاءة التي شكلناها في لقطة الميديوم ؟ وكيف لنا أن نحقق الإستمرارية بين اللقطتين بعد أن بنينا الإضاءة وفقاً للقطة ضيقة بالأساس ؟

يعمد السينمائيون في هذه النقطة على ترتيب اللقطات المراد تصويرها بحيث يبدأ التصوير من أوسع لقطة إنتقالاً للأضيق فالأضيق، وذلك لحل المشكلة التي طرحناها والحرص على الإستمرارية والتتابع في الإضاءة، وهنا نشارككم نصيحة قدمها لنا السينمائي توم ستيرن وكنّا قد شاركناها عبر حسابنا في إنستاغرام، وهي أن نبدأ دائماً بتصوير اللقطات العامة، ثم الإنتقال بعدها إلى اللقطات الاضيق فالأضيق:

هذه النصيحة لا تتعلق بترتيب اللقطات في المنتج النهائي (بعد المونتاج) إنما تتحدث عن الترتيب في أثناء التصوير والإنتاج

لذا فعند البدء بتصوير وإضاءة اللقطة العامة، وتلقين العقل الباطن للمشاهد مكان ومصدر الإضاءة ولونها وشدتها وطبيعتها، كما في المثال التالي :

OZARK – SEASON 4 – EPISODE 8 (2022)

ثم الإنتقال تباعاً إلى اللقطات الأضيق مع تعديلات طفيفة جداً لتلائم حجم وطبيعة اللقطة، سنضمن حصولنا على الإستمرارية ومنطقية الإضاءة في اللقطات :

لذا لاحظوا معي في المثال أعلاه وفي اللقطة العامة، كيف أن الإضاءة لم تبنى وفقاً لوجوه الممثلين، بل بنيت لتناسب المكان الذي يتواجدون فيه، مصدر الضوء الأساسي يدخل من النافذة ليشكل لدينا السديم الضوئي، ثم بعدها إنتقلنا للقطات الاضيق وقمنا بإضافة إضاءة من ذات الجهة واللون (5600K) لتحاكي ذات الضوء الذي دخل من النافذة.

المساحات لا الوجوه : الحركة في الكادر

أحد الأسباب التي نود إعتماد الإضاءة في المشهد وفقاً للمساحة لا وفقاً للوجوه، هي للإجابة عن السؤال الذي قد نطرحه حين وجود الحركة في المشهد :

كيف سنضيء الوجه والممثل يتحرك ؟

في المثال السابق من فيلم The Irishman للمخرج مارتن سكورسيزي والسينمائي رودريجو برييتو، نلاحظ في المشهدين في المثال اعلاه، كيف أن الإضاءة وزعت وفقاً للقطة العامة ووفقاً للمكان الذي سيشغله الممثلين، ونلاحظ كيف يتم إضافة إضاءة بسيطة في اللقطات الأضيق (الكلوز أب) لتحقيق الإستمرارية وحتى لو تحرك الممثل فإنه يتحرك ضمن السديم والمساحة الضوئية التي خلقناها في المساحة التي سيتحرك بها.

المساحات لا الوجوه : التحكم بالواقعية

تساعد إضاءة المساحات مدراء التصوير على التحكم بشدة واقعية الإضاءة في المشهد، وتحقيق التوازن الفني بين الواقعية والتعبير الفني، وتأقلم كامل المشهد مع تلك الواقعية المرجوة والتوازن المطلوب.

المساحات لا الوجوه : التكلفة

عندما نقوم بتعديل الإضاءة بشكل متكرر، وتحريك الإضاءة ونصبها وإضافة الفلاتر والفلاغات والقواطع للوصول للنتيجة المرجوة من كل لقطة على حدى، ذلك سيسبب لنا الكثير من المشاكل، أهم تلك المشاكل هي التكلفة، ونعني بذلك التكلفة على صعيد الوقت واليد العاملة، فلماذا نصرف الوقت على تعديل وتجهيز الإضاءة بشكل متكرر كلما غيرنا لقطاتنا وكلما تحرك الممثل سعياً لتحقيق الإضاءة الصحيحة على وجهه، ولماذا نزيد من وقت الإنتاج والذي سيؤثر على عدد ايام التصوير وسيستهلك من ميزانية العمل أكثر، فيما لو قمنا بإعداد الإضاءة لكامل المساحة التي سيشغلها المشهد، ثم نقوم بتعديلات طفيفة جداً في اللقطات الاضيق، كإضافة عاكس لتعزيز الضوء الأساسي على وجه الممثل أو إضافة إضاءة صغيرة، كلما وفرنا الجهد والوقت كلما كان لدينا وقت أكثر للتركيز على الجانب الفني.

في الختام، أود تذكيركم أنه بإمكانكم إرسال إستفساراتكم من خلال الضغط على تواصل معنا، كما بإمكانكم متابعتنا عبر حسابنا في إنستاغرام للمزيد من المحتوى الحصري.
دمتم مبدعين.

هل أعجبتك المقالة ؟ شاركها مع أصدقائك ..

عبد الهادي العاني
عبد الهادي العاني

مصور سينمائي سوري مقيم في إسطنبول، ملتزم بتعزيز المحتوى العربي من خلال مشاركة المعرفة والخبرة في الجانب التقني من صناعة الأفلام.

المقالات: 180

تعليق واحد

  1. مقال رائع
    هل من الممكن نشر بعض المقالات الخاصة بتصوير و إضاءة الإعلانات و البرومو

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *